الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعـده ، وعلى آله وصحبه ، أما بعد : فإن الباعث على كتابة هذه الكلمة هو إبطال إطلاق مقولة العمليات الانتحارية على العمليات الاستشهادية التى تحدث فى فلسطين وغيرها ، والإثبات بالأدلة الشرعية على دخول هذه العمليات الاستشهادية تحت الأعمال الجهاديةفهذا الموضوع أصبح من الأهمية بمكان فى هذا الوقت الذى تخاذل فيه المسلمون عنالدفاع عن الأراضى المسلمة المحتلة فأصبح القيام بالعمليات الاستشهادية وبذل النفس فى سبيل الخالق خير وسيلة لزرع الرعب فى قلوب الذين كفروا فاللهم منزل الكتاب ومجرى السحاب وحد صف المسلمين .
يتبع الموضوع في التعليقات
18/04/2008
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
هناك 6 تعليقات:
الفصل الأول : ماهية العمليات الانتحارية والعمليات الاستشهادية
أيها الأخوة والأخوات قبل أن ندلل على مشروعية العمليات الاستشهادية ،وعدم مشروعية العمليات الانتحارية لابد أن نعرفها فلابد عند الحكم على الشيء من أن يكون مسبوقاً بتصور ماهيته فإن كل تصديق بشىء لابد أن يكون مسبوقاً بتصور [1] نبدأ بتعريف العمليات الانتحارية ثم العمليات الاستشهادية أخوتاه أما العمليات الانتحارية : فالعمليات جمع عمليّة : لفظ مشتق من العمل , يصدق على كل ما يُفعل ، و هو من الألفاظ المحدثة , و يُطلَق على جملة أعمال تُحدث أثراً خاصاً , فيقال : عمليةٌ جراحية ، أو عمليّة حربية أما الانتحارية فهى من الانتحار ، وهو قتلالنفس خلاصاً من الحياة اعتراضاً على القَدَر ، و سخطاً على ما لحقه من قضاء الله و قَدَره...فالعملية الانتحارية إذن عمل مخصوص يقوم به شخص ليتخلص من الحياة استعجالا للموت أو تخلصاً من الآلامو العذاب أو يأساً من الشفاء ؛ لذلك فهو محرم شرعاً فقد نهى الله عن قتل النفس قال تعالى : ﴿ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ ﴾[2] ، وقال تعالى : ﴿ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾[3] ،وأما العمليات الاستشهادية : فالعمليات سبق أن بيناها أما الاستشهادية فهى من الاستشهاد ، وهو طلب الشهادة ، و هي القتل في سبيل الله فقد قال صلى الله عليه وسلم : « من قتل فى سبيل الله فهو شهيد ، ومن مات فى سبيل الله ، فهو شهيد »[4] ، وقوله : rمن مات يشمل من قتل فى سبيل ، ومن قتل نفسه فى سبيل الله أي تعم أي قتل بغض النظر عن المتسبب فيه ،والعام يبقى على عمومه ما لم يأت دليل يصرفه عن عمومه كما هو مقرر فى الأصول فالعمليات الاستشهادية هي أعمالٌ مخصوصة يقوم بها المجاهد في سبيل الله ، مع التيقّن أو غلبة الظن أنّها تلحق الضرر بالعدو ، و تجرئ المسلمين عليه وتقوي قلوبهم وتكسر قلوب الأعداء ،و التنكيل والتوهين لأعداء المسلمين وغير ذلك من المصالح الجهادية ، ويبلغ القائم بهذه العمليات مراتب الشهداء ؛ لأنه قد مات فى سبيل الله لقوله r : « ومن مات فى سبيل الله فهو شهيد »[5].
[1] - التصور: إدراك المفردات، كإدراك لفظ (محمد) وكذلك إدراك لفظ (رسول) وأما التصديق: فهو إدراك نسبة الرسالة لمحمد وتصديقك لهذه النسبة .
[2] - النساء من الآية 29
[3] - البقرة من الآية 195
[4] - رواه مسلم رقم 1915 كتاب الإمارة
[5] - المصدر السابق
الفصل الثاني : أدلة جواز العمليات الاستشهادية
الدليل الأول : قـوله تعالى : ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ ﴾[1] وجه دلالة الآية على إباحة العمليات الاستشهادية :مدحت الآية من يبيع نفسه لله تعالى بالجهاد في سبيله بنفسه وماله ،وما العمليات الاستشهادية إلا تضحية بالنفس لتكون كلمة الله هي العليا بإعلاء شأن الإسلام ، وإرهاب العدو ، وبث الرعب والهلع فيه ، و تجرئة المسلمين عليه فيكون النصر بإذن الله . الدليل الثانى : عموم قوله تعالى : ﴿وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّة ٍوَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ ﴾[2] فكل قوة حربية يجب أن تعد لهؤلاء ، والعمليات الاستشهادية ما هي إلا قوة ترهب العدو ، وتلقى الرعب فى قلبه ، و توقع الإصابات به من قتل أو جرح ، وتوهينه ، وتجرئ المسلمين عليه . الدليل الثالث : عموم قوله r : « ومن مات فى سبيل الله فهو شهيد »[3] فقوله : من مات عام يشمل كل من مات بغض النظر عن المتسبب في القتل أي كل من يصدق عليه أنه مات فى سبيل الله فهو شهيد . الدليل الرابع : في قصة الملك والساحر والراهب والغلام قصة أصحاب الأخدود، وفيه فقال الغلام الموّحد للملك الكافر: ( إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمركبه , قال : وما هو ؟ . قال : تجمع الناس في صعيد واحد , وتصلبني على جذع , ثم خذسهماً من كنانتي , ثم ضع السهم في كبد القوس ثم قل باسم الله رب الغلام ثم ارمنيفإنك إذا فعلت ذلك قتلتني . فجمع الناس في صعيد واحد وصلبه على جذع ثم أخذ سهماًمن كنانته ثم وضع السهم في كبد القوس ثم قال : باسم الله رب الغلام , ثم رماهفوقع السهم في صُدْغه فوضع يده في صُدْغه في موضع السهم فمات . فقال الناس : آمنابرب الغلام , آمنا برب الغلام , آمنا برب الغلام...)[4] الحديث.. ففي الحديث دليل على صحة العمليات الاستشهادية التى يقوم بها المجاهدون فى سبيل الله القائمون على حرباليهود والنصارى والمفسدين في الأرض ؛ لأن الغلام قد دل الملك على كيفية قتلهحين عجز الملك عن ذلك بعد المحاولات والاستعانة بالجنود والأعوانففعلُالغلام فيه تسبب في قتل نفسه والمشاركة في ذلك , والجامع بين عمل الغلام والعملياتالاستشهادية واضح فإن التسبب في قتل النفس والمشاركة في ذلك حكمه حكم المباشرةلقتلهاوالغاية من الأمرين ظهور الحق ونصرته والنكاية باليهود والنصارىوالمشركين وأعوانهم وإضعاف قوتهم وزرع الخوف في نفوسهم، وقال الشيخ ابن العثيمين رحمه الله : ( إنالإنسان يجوز أن يغرر بنفسه في مصلحة عامَّة للمسلمين ، فإن هذا الغلام دلَّ الملكعلى أمر يقتله به ويهلك به نفسه ، وهو أن يأخذ سهماً من كنانته... الخ )[5] .
[1] - البقرة : 207
[2] - الأنفال من الآية 60
[3] - المصدر السابق
[4] - رواه مسلم فى صحيحه ، وأحمد فى مسنده ، وهو فى صحيح الجامع للألبانى رقم 4461
[5] - شرح رياض الصالحين لابن العثيمين : 1 / 165
الدليل الخامس والسادس والسابع على جواز العمليات الاستشهادية
الدليل الخامس :
قصّة حملِ سلمة ابن الأكوع و الأخرم الأسدى و أبو قتادةلوحدهم على عيينة بن حصن و من معه ، و ثناء النبى صلى الله عليه وسلم عليهم بقوله :« كَانَ خَيْرَ فُرْسَانِنَا الْيَوْمَ أَبُو قَتَادَةَ وَخَيْرَ رَجَّالَتِنَا سَلَمَةُ »[1] . ففى الحديث دليل على جواز حمل الواحد على الجمع الكثير من العدو وحده ، و إن غلب على ظنه أنه يقتل أى جواز الانغماس في صف العدو أو جواز التغرير بالنفس في الجهاد أو جواز إهلاك النفس فى سبيل الله من أجل إحداث القتل فى العدو وإيقاع الإصابة فيه والنكاية به، وما العمليات الاستشهادية إلا تغرير بالنفس ،وإهلاكها لإلحاق الضرر بالعدو من بث الرعب والقلق والهلع فيه ، و تجرئة المسلمين عليه ،وتقوية قلوبهم وكسر قلوب الأعداء ، و التنكيل والتوهينلهم ورفع الروح المعنوية لدى المسلمين .
الدليل السادس :
بمفهوم الموافقة أى ثبوت حكم الشىء المذكور( المنطوق) للمسكوت عنه لاشتراكهما فى علة الحكم المفهومة بطريق اللغة فالمسكوت عنه أولى أو مساوِ للمنطوق به فى الحكم كحرمة التأفف من الوالدين أولى منها فى الحكم بالحرمة سب الوالدين أو ضربهما ،وكحرمة أكل مال اليتيم بالباطل الأولى منه فى الحرمة إتلافه ، وكعصمة الأنبياء من إرتكاب الكبائر فمن باب أولى عصمتهم من الشرك ، وكحل قتل العقرب فى الحَرم فمن باب أولى قتل الأسد ، وإذا كان الله قدر على ابتداء الخلق فمن باب أولى أن يكون الله قادرا على إعادته ؛ لأن ابتداء الشىء أصعب من إعادته ، وإذا كان السفر لزيارة أى مسجد غير الثلاثة مساجد بقصد التقرب إلى الله لا يجوز ، والمساجد خير بقاع الأرض فمن باب أولى عدم جواز السفر لزيارة المقابر ، وإذا كان قليل ما يسكر حراما فمن باب أولى كثيره ، وعلى هذا فقس ، وقد اتفق العلماء على أن جيش الكفار إذا تترسوابمن عندهم من أسرى المسلمين وخيف على المسلمين الضرر إذا لم يقاتلوا فإنهم يقاتلون ،وإن أفضى ذلك إلى قتل المسلمين الذين تترسوا بهم فيجوز للتوصل إلى قتل الكفار أن نفعل ذلك ولو كان فيه قتلمسلم بسلاح المسلمين وأيدى المسلمين مع أن هذا فيه قتل المسلمين لكن مصلحة المسلمين أولى والنكاية بالعدو والتوصل إلى قتل العدو لا تتم إلا به فمن باب أولى قتل المجاهد نفسه للنكاية بالعدو؛ لأن ضرره على الشخص نفسه لا على غيره لكن مصلحة المسلمين ،ونكاية الأعداء تقتضيه .
الدليل السابع :
القياس على مسألة البيات إذا جاز تبيت العدو ليلاً وقتله والنكاية فيه ، وإن تضمن ذلك قتل من لا يجوز قتله من صبيان الكفار ونسائهم مع أن هؤلاء لا يجوز قتلهم لكن مصلحة المسلمين أولى ، والنكاية بالعدو أولى ، والتوصل إلى قتل العدو أولى فقياسا عليه يجوز قتل المجاهد نفسه من أجل النكاية بالعدو ،والتوصل إلى قتله ،وإضعاف نفوس العدو ؛ ليروا أنّ هذا صنع واحد فما ظنك بالجمع قال ابن قدامة
: يجوز تبييت العدو ، وقال أحمد : لا بأس بالبيات وهل غزو الروم إلا البيات ، وقال : لا نعلم أحداً كره البيات[2] .
[1] - متفق عليه
[2] - المغنى لابن قدامة 10/ 503
الفصل الثالث الفرق بين العمليات الانتحارية والاستشهادية
أيها الأخوة والأخوات اعلموا أن هناك فروقا شاسعة بين العمليات الانتحارية والعمليات الاستشهادية فالعمليات الانتحارية هى أعمال مخصوصة يقوم به شخص ليتخلص من الحياة استعجالا للموت أو تخلصاً من الآلامو العذاب أو يأساً من الشفاء ، و العلّة التي دَفَعت المنتحر إلى إزهاق روحه ، هي التخلّص من الحياة اعتراضاً على القَدَر ، و سخطاً على ما لحقه من قضاء الله و قَدَره ؛ لذلك العمليات الانتحارية من أكبر المحرمات في الإسلام ؛ لأنّه لا يفعله إلا غضبان على ربه ،غير راض بقضاء اللّه ... أما العمليات الاستشهادية فهى أعمالٌ مخصوصة يقوم بها المجاهد في سبيل الله ، مع التيقّن أو غلبة الظن أنّها تلحق الضرر بالعدو من بث الرعب والقلق والهلع فيه ، و تجرئة المسلمين عليه وتقويةقلوبهم وكسر قلوب الأعداء ،و التنكيل والتوهينلأعداء المسلمين وغير ذلك من المصالح الجهادية ،والعلة التى دفعت المجاهد إلى إزهاق روحه هى النكاية بالعدو ،والتوصل إلى قتله ،وغير ذلك من الأسباب ، و أما من قاس العمليّة الاستشهاديّة على الانتحار ، و ألحقها به في الحكم أي شبه العمليات الاستشهادية بالعمليات الانتحارية ،ونتيجة التشبيه قال بأن حكم العمليات الاستشهادية هو حكم العمليات الانتحارية بدعوى أنّ من يفجّر نفسه بين عناصر العدو يشبه المنتحر من جهة مباشرته قتل نفسه بيده أو بما يحمله من متفجّرات ، لا بيد عدوّه أو سلاحه فهؤلاء العلماء قد جانبوا الصواب ، وخالفوا ما ورد بالسنة والكتاب ؛ لأن قياس العمليات الاستشهادية على العمليات الانتحارية قياس مع النص لورود سيل من النصوص على مشروعية العمليات الاستشهادية ، والعلماء يحتاجون للقياس عند عدم ورود نصوص فى المسألة ،ومسألة العمليات الاستشهادية وردت بها نصوص ، ورغم أنه قياس مع النص فهو قياس مع الفارق أيضا لافتراق علة قتل النفس فى العملية الاستشهادية والعملية الانتحارية فكيف يُقاس من طلب الشهادة بتفجير نفسه إيماناً و احتساباً في العملية الاستشهادية ، و يٌقبل على الله بنفس مطمئنّة فرحة مستبشرة متطلعة للشهادة والجنة و ماعند الله في الآخرة ، و نصرة الدين و النكاية بالعدو و الجهاد في سبيله في الدنيا بمن قتل نفسه جزعاً و قنوطاً أو تسخطا على القدر و اعتراضا على المقدور أو استعجالا للموت أو تخلصا من الآلامو العذاب أو يأسا من الشفاء ، بنفس خائفة يائسة ساخطة لا يستوون عند الله ،والقول بأن العلّة في الانتحار ،والعملية الاستشهادية مباشرة قتل نفسه لا يصح فالذي يعترض سبيل سيارة أو قطار تخلصاً من الحياة لنزول مكروه يُعدُّ منتحراً رغم أنّه لم يحمل أداة القتل بيده ، و لم يباشر قتل نفسه بِسُمٍّ تَحَسَّاهُ فتبين من هذا بطلان ماقالوه رحمهم الله .
وأخيراً :
العمليات الاستشهادية مشروعة ؛ لأنها قتل النفس ؛ لإرهاب العدو ، وكسر قلبه ،وتجعله يقول إذا كان هذا فعل شخص فكيف بالجميع ؟! فتبث الرعب فى قلبه و تجرئ المسلمين عليه ،وتقوي قلوبهم هذا والحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات. وكتب ربيع أحمد سيد طب عين شمس الثلاثاء 26 /12/2006 م
الأدلة الجلية على جواز العمليات الاستشهادية على ملف ورد على هذا الرابط :
http://www.4shared.com/file/44404084/fab833cc/________.html
إرسال تعليق