18‏/04‏/2008

مقال في خطأ القول بالعمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين وعلى أصحابه الغر الميامين ، و على من أتبعه بإحسان إلى يوم الدين وبعد : فهذه كلمة لمن يقول بالعمل بالحديث الضعيف أخذا بأقوال بعض أهل العلم ، والقاعدة الحق لا يعرف بالرجال ولكن يعرف الرجال بالحق ،وبداية حكم العمل بالحديث الضعيف يحتاج إلى تفصيل فالعمل بالضعيف في العقائد: لا يجوز إجماعاً ،و العمل به في الأحكام الجمهور على منعه ،والعمل به في الفضائل والتفسير و المغازي والسير: فبعض أهل العلم على جواز الاحتجاج به في هذه الأبواب شريطة أن يكون ضعفه غير شديد وأن يندرج تحت أصل عام وأن لا يعتقد عند العمل به ثبوته بل يعتقد الاحتياط. ونقل النووي الإجماع على العمل به في فضائل الأعمال[1] لكن الخلاف فيه منقول عن جمع من أهل العلم فممن قال لا يجوز ابن العربي[2] و حكاه ابن سيد الناس في عيون الأثر عن يحيى بن معين ونسبه في فتح الغيث لأبي بكر بن العربي ثم قال والظاهر أن مذهب البخاري ومسلم ذلك أيضاً[3]فمسلم قد شنع في رواية الأحاديث الضعيفة [4] ،وهو مذهب ابن حزم[5]





[1] - وقال النووي في كتابه " الأذكار " قال العلماء من المحدثين و الفقهاء و غيرهم : يجوز و يستحب العمل في الفضائل و الترغيب و الترهيب بالحديث الضعيف ما لم يكن موضوعاوأما الأحكام كالحلال والحرام والبيع و النكاح و الطلاق وغير ذلك فلا يعمل فيها إلا بالحديث الصحيح أو الحسن إلا ان يكون في احتياط في شيء منذلك.انتهى. وقال النووي في( التقريب ) : يجوز عند أهل الحديث الضعيف ورواية ما سوى الموضوع من الضعيف و العمل به من غيربيان ضعفه في غير صفات الله و الأحكام .انتهى.
[2] - انظر تدريب الراوي للسيوطي 1/252
[3] - قواعد التحديث للقاسمي ص 113
[4] - قد أطال الإمام مسلم في التشنيع على رواة الأحاديث الضعيفة والمنكرة في مقدمة صحيحه.
[5] - قال ابن حزم في الملل والنحل : (( ما نقله أهل المشرق والمغرب أو كافة عن كافة أو ثقة عن ثقة حتى يبلغ إلى النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن في الطريق رجلاً مجروحاً بكذب أو غفلة أو مجهول الحال، فهذا يقول به بعض المسلمين ولا يحل عندنا القول به ولا تصديقه ولا الأخذ بشيء منه ))


يتبع المقال في التعليقات

هناك 7 تعليقات:

د/ ربيع أحمد يقول...

و هيا أخوتي نعرف معنى قول بعض الأئمة : (( العمل بالضعيف في فضائل الأعمال(( فهل معناه أن الحديث الضعيف يعمل به في النوافل دون الفرائض والأحكام ؟ أم أن المقصود بذلك أن العمل أولا ثابت بدليل شرعي صحيح ، ولكن جاء في فضل ثوابه حديث ضعيف ، فيقولون لا بأس بالعمل بهذا الحديث رجاء هذا الثواب لأن أصل الحديثصحيح ؟ فمن العلماء من يقول يصح ابتداء الحكم الشرعي ، بناءا على هذا الحديث الضعيف ، بمعنى أنه يثبت به حكمشرعي استقلالا ،وهذا قول الكمال بن الهمام حيث قال بأن الحديث الضعيف يثبت به الاستحباب[1] ،ومنهم من يقول يجوز رواية هذاالحديث في الترغيب والترهيب ، بشرط أن يكون أصل العمل المرغب فيه ، أو المرهب منه ثابتا بدليل شرعي صحيح غير هذا الحديث الضعيف ،وألا يعتقد أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله وألا يكون الضعف شديدا و هذا القول هو المشهور عند الجمهور ،مثال : عن عائشة مرفوعاً : (( من صلى بين المغرب والعشاء عشرين ركعة، بنى الله له بيتاً في الجنة )) أخرجه البيهقي بسند ضعيف . فهذا الحديث في فضائل الأعمال ، والفضل هنا قوله ( بنى الله له بيتاً في الجنة) هذا الفضل لا يجوز إيراده ؛ لأن أصل العمل وهو صلاة عشرين ركعة بين المغرب والعشاء ، لم يثبت بدليل صحيح ولا حسن. فلا يجوز حينئذ أن يورد حديث ضعيف في فضله . ،وقد استدراك العز بن عبد السلام ، رحمهالله ، على ابن الصلاح ، رحمه الله ، قوله بجواز صلاة الرغائب ، لأن أصلها (أيالصلاة) ، ثابت بأدلة شرعية معتبرة ، ولكن تفصيلات هذه الصلاة من الهيئات والركعات لم تثبت بدليل شرعي معتبر ،قال ابن تيمية : (( ولا يجوز أن يعتمد في الشريعة على الأحاديث الضعيفة التي ليست صحيحة ولا حسنة، لكن أحمد بن حنبل وغيره من العلماء جوزوا أن يروى في فضائل الأعمال ما لم يعلم أنه ثابت، إذا لم يعلم أنه كذب. وذلك أن العمل إذا علم أنه مشروع بدليل شرعي، وروى في فضله حديث لا يعلم أنه كذب، جاز أن يكون الثواب حقاً. ولم يقل أحد من الأئمة إنه يجوز أن يجعل الشىء واجباً أو مستحباً بحديث ضعيف. ومن قال هذا فقد خالف الإجماع. وهذا كما أنه لا يجوز أن يحرم شيء إلا بدليل شرعي، لكن إذا علم تحريمه وروي حديث في وعيد الفاعل له، ولم يعلم أنه كذب، جاز أن يرويه. فيجوز أن يروى في الترغيب والترهيب، ما لم يعلم أنه كذب، لكن فيما علم أن الله رغب فيه، أو رهب منه بدليل آخر غير هذا الحديث المجهول حاله ))[2] معنى هذا الكلام أنه ليس معنى العمل بالحديث الضعيف أننا نستحب عبادة لمجرد ورود حديث ضعيف بها ، فإنهذا لم يقل به أحد من العلماء و المعنىأنه إذا ثبت استحباب عبادة معينة بدليل شرعي صحيح كقيام الليل مثلا ، ثم جاء حديثضعيف في فضل قيام الليل فإنه لا بأس من العمل بهذا الحديث الضعيف حينئذ ، ومعنى العمل به روايته لترغيب الناس في هذه العبادة مع رجاء الفاعل لها أن ينال هذا الثواب الوارد في الحديث الضعيف




[1] - قال ابن الهمام فيكتاب الجنائز من فتح القدير: ( الاستحباب يثبت بالضعيف غير الموضوع )
[2] - مجموع الفتاوى لابن تيمية 1/ 250-251

د/ ربيع أحمد يقول...

والقول الثالث للعلماء أنه لا تجوز رواية الحديث الضعيف ولا العمل به مطلقاً، حتى الرواية، إلا أن يروى لبيان ضعفه، وهذا القول مشهور عن ابن حزم ، وأما قول ابن الهمام ، رحمه الله ، بجواز أن يثبت الاستحباب بحديث ضعيف ، فقول غيرمسلم به ، إلا على أصول الأحناف ، الذين توسعوا في الاستدلال ،فاحتجوا بالمرسل ، وهو من أنواع الضعيف ، فلا عجب أن يحتجوا في إثبات الاستحباب بأحاديث ضعيفة ،وأما القول الثاني فعللوا أنه إذا جاز لنا أن نروي أخبار بني إسرائيل في بر الوالدين مثلاً، أو أخبار بني إسرائيل في المحافظ على الصلاة جملة، أو المحافظة على طاعة اللـه جملة، وأجازها لنا النبي r أن نرويها رغم أننا ليس عندنا سند ثابت إلى ذلك النبي الذي قال هذه المقالة، ولا سند ثابت إلى ذلك الرسول الذي قال ذلك الكلام، أو ذلك الحواري الذي قال هذا القول أو ذلك الأثر، ليس عندنا دليل، فإذا جاز لنا ذلك فمن باب أولى أن نأخذ أقوال النبي صلى الله عليه وسلم التي لا نعلم أنها كذب لنحث الناس بها للقيام بأعمال صالحة ،وقالوا أيضا لأن العمل بالحديث الضعيف في هذه الحال لا يترتب عليه محظور شرعي كالقول باستحباب عبادة لم تثبت في الشرع ، بل إن حصل له هذا الثواب و إلا فلا ضرر عليه .

د/ ربيع أحمد يقول...

والقول الثالث للعلماء أنه لا تجوز رواية الحديث الضعيف ولا العمل به مطلقاً، حتى الرواية، إلا أن يروى لبيان ضعفه، وهذا القول مشهور عن ابن حزم ، وأما قول ابن الهمام ، رحمه الله ، بجواز أن يثبت الاستحباب بحديث ضعيف ، فقول غيرمسلم به ، إلا على أصول الأحناف ، الذين توسعوا في الاستدلال ،فاحتجوا بالمرسل ، وهو من أنواع الضعيف ، فلا عجب أن يحتجوا في إثبات الاستحباب بأحاديث ضعيفة ،وأما القول الثاني فعللوا أنه إذا جاز لنا أن نروي أخبار بني إسرائيل في بر الوالدين مثلاً، أو أخبار بني إسرائيل في المحافظ على الصلاة جملة، أو المحافظة على طاعة اللـه جملة، وأجازها لنا النبي r أن نرويها رغم أننا ليس عندنا سند ثابت إلى ذلك النبي الذي قال هذه المقالة، ولا سند ثابت إلى ذلك الرسول الذي قال ذلك الكلام، أو ذلك الحواري الذي قال هذا القول أو ذلك الأثر، ليس عندنا دليل، فإذا جاز لنا ذلك فمن باب أولى أن نأخذ أقوال النبي صلى الله عليه وسلم التي لا نعلم أنها كذب لنحث الناس بها للقيام بأعمال صالحة ،وقالوا أيضا لأن العمل بالحديث الضعيف في هذه الحال لا يترتب عليه محظور شرعي كالقول باستحباب عبادة لم تثبت في الشرع ، بل إن حصل له هذا الثواب و إلا فلا ضرر عليه .

د/ ربيع أحمد يقول...

والجواب عن هذه الاستدلالات أنه لا اجتهاد مع النص فقد قال تعالى : (( َولاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ))[1] أي ولا تتبع ما لا تعلم، بل تأكَّد وتثبَّت ففي الآية الأمر بأخذ الدين بتثبت وبما أن أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم من الدين فلا بد أن نأخذها بتثبت فكيف نأخذها ونقول بها و نعلم أنها ضعيفة ؟ و قال النبي : (( من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار ))[2] وقال أيضا : (( من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكذابين ))[3].وهذا الحديث نص في التثبت في الرواية ،ونقل الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم خشية الكذب عليه فكيف بمن يعرف أنه يروي حديثا ضعيف قد يكون النبي قاله وقد لا يكون ؟ فإن كان قاله ،ولم نروه فهناك الصحيح عنه ،وإن لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم قاله فقد كذبنا عليه ،وإذا كان في الحديث نهي عن رواية الحديث الضعيف فمن باب أولى النهي عن العمل به ،وقال صلى الله عليه وسلم : (( إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ))[4]





[1]- الإسراء من الآية 36
[2] - رواه أحمد وأصحاب السنن الستة وغيرهم
[3] - رواه مسلم في صحيحه
[4]- صححه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود رقم 4917

د/ ربيع أحمد يقول...

وهنا سؤال هام هل احتج الإمام أحمد بالحديث الضعيف ؟ سوف يجيبك ابن تيمية فقد قال : (( ومن نقل عن أحمد أنه كان يحتج بالحديث الضعيف الذى ليس بصحيح ولا حسن فقد غلط عليه، ولكن كان في عرف أحمد بن حنبل ومَن قبله من العلماء أن الحديث ينقسم إلى نوعين: صحيح وضعيف، والضعيف عندهم ينقسم إلى ضعيف متروك لا يحتج به، وإلى ضعيف حسن.. وأول من عرف أنه قسم الحديث ثلاثة أقسام صحيح وحسن وضعيف هو أبو عيسى الترمذي في جامعه، والحسن عنده ما تعددت طرقه، ولم يكن في رواته متهم، وليس بشاذ فهذا الحديث، وأمثاله يسميه أحمد ضعيفاً ويحتج به. ولهذا مثَّل أحمد الحديثَ الضعيف الذي يحتج به بحديث عمرو بن شعيب وحديث إبراهيم الهجري ونحوهما وهذا مبسوط في موضعه ))[1] وقال ابن القيم : (( الحديث الضعيف عنده قسيم الصحيح وقسم من أقسام الحسن. ولم يكن يقسم الحديث إلى صحيح وحسن وضعيف، بل إلى صحيح وضعيف . وللضعيف عنده مراتب ، فإذا لم يجد في الباب أثراً يدفعه ، ولا قول صاحب ، ولا إجماعاً على خلافه ، كان العمل به عنده أولى من القياس ))[2] وقال أيضاً ابن رجب : (( وكان الإمام أحمد يحتج بالضعيفالذي لم يرد خلافه، ومراده بالضعيف قريب من مراد الترمذي بالحس ))[3]



[1] - مجموع الفتاوى لابن تيمية 1/ 251-252
[2] - إعلام الموقعين لابن القيم 1/31
[3] - شرح علل الترمذي 1/337

د/ ربيع أحمد يقول...

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في قول أحمد : ( إذا جاء الحلال والحرام شدّدنا في الأسانيد وإذا جاء الترغيب والترهيب تساهلنا في الأسانيد) (( وكذلك ما عليه العلماء بالعمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال ليس معناه إثبات الاستحباب بالحديث الذي لا يحتج به، فإن الاستحباب حكم شرعي فلا يثبت إلا بدليل شرعي، ومن أخبر عن الله أنه يحب عملاً من الأعمال من غير دليل شرعي فقد شرع من الدين ما لم يأذن به الله كما لو أثبت الإيجاب أو التحريم ))[1] ،ومن العلماء الذين يقولون بكلامي العلامة الألباني[2] ومقبل ابن هادي[3] و ابن عثيمين[4] وعبد الكريم خضير [5] هذا والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وكتب ربيع أحمد بكالوريوس الطب الأحد 13/1/2008م






[1] - مجموع الفتاوى لابن تيمية 18/65
[2] - القاعدة الثانية عشرة في مقدمة كتابه ( تمام المنة ) وأيضا في كتابه الثمر المستطاب
[3] - المقترح في أجوبة أسئلة المصطلح السؤال ؟ هل يعمل بالحديث الضعيف
[4] - قال رحمه الله : ((الذي يظهر لي : أن الحديث الضعيف لا تجوز روايته، إلا مبيناً ضعفه مطلقاً،لاسيما بين العامة، لأن العامة متى ما قلت لهم حديثاً، فإنهم سوف يعتقدون أنه حديثصحيح، وأن النبي صلى الله عليه وسلّم قاله )) شرح المنظومة البيقونية
[5] - له كتاب قيم بعنوان: ( الاحتجاج بالحديث الضعيف).

د/ ربيع أحمد يقول...

مقال في خطأ القول بالعمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمالعلى ملف ورد على هذا الرابط :

http://www.4shared.com/file/44561786/623b9252/__________.html?dirPwdVerified=8ea9cd07